الاشتياق إلى نصر الله العزيز الخلاق_العلامة محمد الإمام_الخطب_12 ربيع آخر 1445 هـ

الاشتياق إلى نصر الله العزيز الخلاق_العلامة محمد الإمام_الخطب_12 ربيع آخر 1445 هـ

الحمد لله الواحد القهار العزيز الغفار مقلب الليل والنهار وناصر المؤمنين وهازم الكفار، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد عبده ورسوله النبي المختار، وأصلي وأسلم عليه وعلى أله الأبرار، وصحابته الأخيار، ما تعاقب الليل والنهار.

أما بعد:

فعنوان هذه الخطبة: «الاشتياق إلى نصر الله العزيز الخلاق» إن المسلمين والمؤمنين يشتاقون إلى نصر الله ويرغبون في ذلك، وينتظرون ذلك لأنهم عندما يقرأون القرآن أو يسمعونه، يسمعون الآيات الكثيرة التي فيها وعد الله الكريم بالنصر المؤزر العظيم، قال ابن الجوزي رحمه الله «ذكر الله كلمة النصر في كتابه العزيز وما توف منها في حق المؤمنين في ثمانية وخمسين وعندما يجمعون سلب الله النصر عن اقرب قريب » فآيات كثيرة بلغت أكثر من خمسين موضعا ينتظرون الهزائم اللاحقة بهم  ويسمعون البشارات بذلك ويسمعون أن الله قد أوجب على نفسه ذلك كما قال سبحانه: {ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠ} [سورة الروم:47]. أوجبه على نفسه تفضلا منه وكرما وغيرةً منه على عباده المؤمنين، وكذلك أيضا يشتاق المؤمنون إلى نصر الله بسبب ما قد جرى عليهم من كثرة  تسلط الأعداء على مختلف أصنافهم ومللهم وما جرى من قبل الأعداء من الاستيلاء على المسلمين ومن القتل والإبادة لهم ؛ فصار الأمر إلى نصر الله عزوجل أمرا محبوبا مرغوبا منتظرا حصوله ووقوعه، ولكننا نحب أن يفهم المسلمون أن نصر الله عزوجل لا يأتي بالأماني ولا يأتي بالرغبة ولا يأتي بالتباكي، وإنما يأتي بالأسباب التي جعلها الله عزوجل أسبابا لنصره عباده فالمسلمون في عصرنا هذا قد توالت عليهم ضربات الأعداء، وفتكت بهم الدول والأحزاب التي تعادي الإسلام فليس لهم ملجأ ولا منجا ولا مفر ولا مخلص إلا إلى الله عز وجل، وعلى سبيل المثال ظهرت الشيوعية وفعلت بالمسلمين الأفاعيل فكم قتلت وكم أبادت ودمرت ذكر بعض الباحثين أن الشيوعية قتلت من المسلمين ما يربو على مائة مليون مسلم ، وظهرت العلمانية وفعلت بالمسلمين ما فعلت وأبادت من المسلمين ما أبادت ،وظهرت القومية العربية فجرى منها من الأحداث العظام والمصائب الكبار ما أدى إلى الهزائم وإلى تسلط الأعداء، وهكذا أيضا تجمّع اليهود واحتشدوا من أقطار الأرض حتى صاروا كتلة كبيرة وتعاون معهم الدول حتى أذاقوا المسلمين ألوان العذاب وأذاقوا المسلمين سوء العذاب إلى ساعتنا هذه، وأما الدول النصرانية فهي على مر تاريخها قائمة بمحاربة المسلمين والسعي للقضاء عليهم بكل ما أوتوا هذا هو الحاصل وأكثر مما ذكرت .

معاشر المسلمين: إن المسلمين مفتقرون إلى نصر الله عز وجل ونصر الله آتٍ لا محالة ولكن بعد تحقق أسبابه التي فرضها الله ودعا الله إليها عباده المؤمنين فمن كان صادقا ومن كان مخلصا ومن كان راغبا حقا في نصر الله فليفتح صدره وليوطن نفسه على القيام فيما دعا الله إلى القيام به مما يتحقق بذلك النصر من رب العالمين سبحانه وتعإلى.

 معاشر المسلمين: ربنا جل شأنه قال:ﵟ‌وَمَا ‌ٱلنَّصۡرُ إِلَّا مِنۡ عِندِ ٱللَّهِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَكِيمِ ١٢٦[سورة آل عمران:126]. وفي سورة الأنفال: { ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ} [سورة الأنفال:10]. قال المفسرون: ربنا جل شأنه قال هذا لأن لا يركن المؤمنون إلى وجود الملائكة مشاركة معهم في القتال كما حصل في غزوة بدر فقد أرسل الله بآلاف من الملائكة تشارك في القتال فحصل النصر فأخبر الله أن النصر من عنده كيف شاء وبما شاء ومتى شاء ولمن يشاء. قال المفسرون: أراد الله بهذا أن لا يركن المؤمنون على مشاركة الملائكة في قتال الأعداء فالنصر إنما هو من الله من أجل أن يستعين المؤمنون بربهم وأن يتوكلوا  عليه وأن لا يطلبوا النصر إلا منه قال ربنا في كتابه الكريم:إِن ‌يَنصُرۡكُمُ ‌ٱللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمۡۖ وَإِن يَخۡذُلۡكُمۡ فَمَن ذَا ٱلَّذِي يَنصُرُكُم مِّنۢ بَعۡدِهِۦۗ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡيَتَوَكَّلِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ[سورة آل عمران:160]. هكذا ينبغي للمسلمين أن يعلموا أن أمر النصر إليه وليس إليهم بل هو إليه سبحانه وتعإلى وقد جعل الله لهذا النصر أسبابا ومن أعظمها وأجلها ما ذكر الله سبحانه فقال : {ﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ} [سورة محمد:7]. جعل الله نصر عباده لدينه ولشرعه  سببا عظيما لنصره إياهم فمن أراد من الله النصر فلينظر إلى ما نصر به دين الله وما أقام به من شرع الله وكيف تعامله مع الشرائع والأحكام التي جاءت بها شرائع الإسلام فإن هذا أمر أساسي لا بد منه ألا وهو أن ننصر دين الله وشرعه، فكيف ننصر دين الله وشرعه؟ الجواب أن نمتثل أوامر الله في كل ما أمر وننتهي عن ما نهى عنه وزجر ونستسلم لقضاء الله وقدره بعد عملنا بالأسباب فإذا كنا على ذلك فهذا نصر دين الله وهذا نصر لله وأبشر بعد ذلك بالنصر من الله عز وجل إذا تحقق هذا ولا يفهم من كلا مي هذا أن الله قد رفع النصر كله عن المسلمين في هذا العصر لضعف المسلمين إلا من رحمه الله ولضعفهم في التمسك بشرائع الإسلام بل لا يزال الله يحفظ عباده وأوليائه بل الله عزوجل ناصر لعباده في الليل وفي النهار وحافظ لهم ومدافع عنهم {ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ} [سورة الأنبياء:42]. { ﱌ ﱍ ﱎﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ} [سورة يوسف:64]. فهو المدافع عن عباده المؤمنين ولكن نصر الله المذكور هم بقدر ما تسبب فيه المسلمون لم يقوموا بنصر دينه حتى ينالوا نصره الكامل عند الله أنواع من النصر فنصره الكامل أن ينصر عباده على نفوسهم الأمارة بالسوء وعلى أهوائهم المرْدية وعلى شياطين الجن والإنس، أما شياطين الجن فينصرهم عليهم بالتسلح بالقرآن والتحصن بالأذكار وأما شياطين الإنس فينصرهم عليهم بأن يجعل الغلبة لهم والتمكين لهم في الأرض من قبله سبحانه فهو خير الناصرين.

 فلهذا معاشر المسلمين: نحتاج أن نعلم علم اليقين أن النصر من الله وأن الهزائم بسبب ذنوبنا فمتى نُصرنا علمنا أن هذا من ربنا ومتى هُزمنا علمنا أن هذا بذنوبنا فما أحوج المسلمين إلى أن يجددوا عهدهم مع الله وإلى أن يعودوا إلى التمسك بدين الله عز وجل قال الله في كتابه الكريم: {ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈﱉ ﱊﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ} [سورة الأنفال: 45-46]. قال الإمام ابن القيم رحمه الله: أمر الله المؤمنين في هاتين الآيتين بخمسة أشياء: أمرهم بالثبات أي: في المعارك وهو من أسس النصر وأمرهم بالإكثار من ذكره وأمرهم بطاعته سبحانه وطاعة رسوله عليه الصلاة والسلام ونهاهم عن التنازع وهو الاختلاف الذي يؤدي إلى الفُرقة ويؤدي إلى الضعف والوهن فأمرهم بأن تكون كلمتهم متفقة وأن يكونوا متآخين متفاهمين متوافقين في التطاوع مع بعضهم بعضا وأمرهم بالصبر .

قال ابن القيم: فهذه خمسة أشياء تبنى عليها قبة النصر قال: فمتى زالت أو زال بعضها نقص النصر من الله وكان بحسب ما بقي مع الناس من هذه الخمس فالله ينصر عباده بحسب ما عندهم إن تكاملوا في الإيمان وصدقوا في عبادة الرحمن وأخلصوا لله الواحد القهار كان النصر متكاملا لهم وإن دخلت عليهم الشوائب وإن حصلت منهم المخالفات فهذا هو الخطر هذا هو الداء العضال وهذا هو الشر القتّال أن يكون من المسلمين من يتعاطى بعض المعاصي تعمدا عياذا بالله واسمعوا إلى آثار المعصية الواحدة ربنا جل شأنه نصر الصحابة في غزوة بدر نصرا مؤزرا كما هو معلوم فذاقوا حلاوة النصر فجاءت غزوة أحد ونصرهم الله في أول المعركة حتى قال في كتابه الكريم : وَلَقَدۡ ‌صَدَقَكُمُ ٱللَّهُ وَعۡدَهُۥٓ إِذۡ تَحُسُّونَهُم بِإِذۡنِهِۦۖ  [سورة آل عمران:152]. أي: تستأصلونهم قتلا قال: بإذنه هذا من عنده هذا بإرادته ومشيئته هذا بقضائه وقدره فلما حصل أن كثيرا من الصحابة الذين كانوا على جبل الرماة  خالفوا أمر رسول الله أمرهم بملازمة الجبل حتى يأتيهم رسول الله فتعجلوا ونزلوا من أجل فتحول النصر إلى هزيمة فكان الصحابة في أول المعركة منصورين وكانوا في آخرها منهزمين ي هكذا لتعلموا أن النصر مرتبط بكمال طاعة الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه ظاهرا وباطنا ولكن الصحابة ي عظمت فيهم الخيرية الذين كان منهم هذا الخطأ لم يتكرر هذا بعد ذلك حصلت التوبة التامة فجاءت معركة الأحزاب فتجمعت الأحزاب من قريش وغطفان وبني أسد وبني النضير وبني قريظة من اليهود وغيرهم وأقبلوا قادمين إلى مدينة الرسول للإبادة العامة حسب مطلبهم وحسب رغبتهم وأرادوا أن يقال كان هنا محمد وأصحابه فتجمعوا كما قال الله {ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ} [سورة الأحزاب:10-11]. المؤمنون في هذه المعركة ثبتوا كثبوت الجبال ي ولهذا شهد الله لهم بذلك قال: {ﳐ ﳑ ﳒ ﳓ} أي: التي قد تجمّعت عليهم. {ﳔ ﳕ ﳖ ﳗ ﳘ ﳙ ﳚ ﳛ ﳜﳝ ﳞ ﳟ ﳠ ﳡ ﳢ} [سورة الأحزاب:22]. فالصحابة ي كان منهم هذا الثبات ما الذي صنعه الله وما الذي جاء به من النصر قال الله: {ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ} أي: الأحزاب. {ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭﱮ } [سورة الأحزاب:9]. هذا فعله أرسل الله الرياح فآذت المشركين وانكفأت قدورهم وأرسل الله الملائكة لتثبت المؤمنين وكذلك تقذف في قلوب المشركين الرعب والخوف فأعلن المشركون رجوعهم قال الله: {ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ} [سورة الأحزاب:25]. فلم يبقَ قتال بالكلية ورجعت الأحزاب تَحْمِل ذيل الخيبة والخزي والخِذْلان هكذا النصر من الله يأتي كما يشاء وكيف شاء سبحانه وتعإلى فوقع النصر للمؤمنين بالصبر والثبات والصدق مع الله عز وجل قال الله في كتابه الكريم: {ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ} [سورة الأحزاب:23]. انظر الشهادة الإلهية { ﱒ ﱓ ﱔ }، استقاموا على شريعة الله وعلى دين الله جاءت غزوة الحديبية خرج الرسول ومعه من أصحابه ما يقارب ألفا وخمسمائة للعمرة فقط فمنعتهم قريش من أن يعتمروا فجرت المحادثة فجعل الله الصلح بين الرسول وبين قريش وأخبر الله أن هذا الصلح فتح عظيم فأنزل الله: {ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚﱛ}[سورة الفتح:1-3]. هذا من نصره جعل الله هذا الصلح فتحا عظيما أقبل الناس على دين الله ودخلوا في دين الله ثم جاءت معركة خيبر بين الرسول واليهود فحصل الصلح وقال «نقركم فيها ما شئنا». وجاء فتح مكة وهو الفتح الذي انتظره العرب قالوا: إن انتصر محمد على قومه دخلنا في الإسلام وإن انتصروا عليه استرحنا منه فجاء فتح مكة فقدم الرسول عليه الصلاة والسلام فاتحا مكة ومعه كتائب الإسلام وحملة الدين فقريش لما علمت بمقدم الرسول وأن معه جيشا عظيما أصيبت بالخذلان فلم تقاتل بالكلية ففتحت مكة وهكذا يأتي النصر من الله لعباده يفعل الله ما يشاء ما أحوج الناس إلى أن يعرفوا نصر الله وإلى أن يعرفوا أن الأمر لله جل شأنه وجاءت غزوة حنين فأصيب بعض الصحابة بالإعجاب وهم الذين دخلوا في الإسلام قريبا أصيبوا بالإعجاب بكثرة الجيش فماذا جرى؟ حصلت الهزيمة في أول المعركة ثم دعا رسولنا ربنا جل شأنه فجاء الله بالنصر فوقعت الهزيمة على الكفار والنصر من الله للمؤمنين الأبرار قال الله: {ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬ ﲭ} [سورة التوبة:25-26]. فجاء النصر من الله .

يا عباد الله: المسلمون بحاجة إلى أن يجددوا عهدهم مع الله أنهم عبيده ليسوا عبيدا لغيره وأنهم أهل دينه وأنهم أحق بشرائعه وبأحكامه وأنهم أتباع رسوله عليه الصلاة والسلام إن حصل هذا فالمسلمون سينالون ويذوقون ألوانا من النصر المأزر ومن العز الكريم ومن السعادة العظمى.

أسباب النصر  كثيرة فقد سبق أن ذكرنا في آية الأنفال خمسة وفي آية الحج أربعة واكمالا لذلك الآتي:

1-    الإخلاص لله وهذا السبب أم الأسباب وتاجها.

2-   ملازمة تقوى الله في السر والعلانية وهذا السبب هو  ملاك الأمر قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله : « عليك بتقوى الله في كل حال ينزل بك؛ فإن تقوى الله أفضل العدة وأبلغ المكيدة وأقوى القوة».

3-  هجر المعاصي كلها ظاهرا وباطنا قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله :« لَا يكون من شَيْء من عدوه أَشد احتراسا مِنْهُ لنَفسِهِ وَمن مَعَه من معاصي الله فَإِن الذُّنُوب أخوف عِنْدِي على النَّاس من مكيدة عدوهم وَإِنَّمَا نعادي عدونا وننصر عَلَيْهِم بمعصيتهم وَلَوْلَا ذَلِك لم تكن لنا قُوَّة بهم لِأَن عددنا لَيْسَ كعددهم وَلَا عدتنا كعدتهم فَلَو استوينا نَحن وهم فِي الْمعْصِيَة كَانُوا أفضل منا فِي الْقُوَّة وَالْعدَد فَإِن لَا ننصر عَلَيْهِم بحقنا لَا نغلبهم بقوتنا وَلَا تَكُونُوا لعداوة أحد من النَّاس أحذر مِنْكُم لذنوبكم».

4-   إظهار القوة والجلد أمام الأعداء.

5-   التواضع الدائم والخضوع لله والشكر لله على نعمه لاسيما نعمة النصر على الأعداء وغير ذلك، وعلى سبيل المثال في حصول النصر قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله  : في «الاستغاثة في الرد على البكري» (ص414): «فلما أصلح الناس أمورهم، وصدقوا في الاستغاثة بربهم؛ نصرهم على عدوهم نصراً عزيزاً؛ لم يتقدم نظيره، ولم تهزم التتار مثل هذه الهزيمة قبل ذلك أصلاً، لما صح من تحقيق توحيده طاعه رسوله ما لم يكن قبل ذلك، فإن الله ينصر رسله  والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد».

6-  الإكثار من الدعاء والتضرع قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله  : «بل النصر والرزق يحصل بأسباب من آكدها دعاء المؤمنين وصلاتهم وإخلاصهم.

واستغفروا الله إنه هو الغفور الرحيم.

 


7-   

الخطبة الثانية

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وأصحابه .

أما بعد:

قال الله: { ﱪ ﱫ ﱬ ﱭﱮ } [سورة الحج:40]. ثم بين بما يكون نصره سبحانه قال: {ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ} [سورة الحج:41]. هذه أربعة أشياء يقوم عليها النصر محافظة على الصلوات على صلاة الجماعة بالنسبة للمكلفين من الرجال محافظة على الصلوات كما أمر الله وكما جاء به رسوله وأداء للزكوات والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

 انظروا عباد الله: كيف أنتم في هذا إن وجد هذا فاحمدوا الله الذي قواكم وأعانكم وأمدكم بقوة الإيمان أن صرتم من عباده فإذا لم يوجد هذا فيفتقد النصر انتبهوا عباد الله ولهذا لا نذهب بعيدا أن النصر آت لكن على يد من يشاء الله ومن زادهم الله اصطفاءً واختيارا واجتباءً واصطنعهم لدينه واختارهم لشرعه وليس على يد من يعصي الله ويتعدى حدود الله ويرتمي في أحضان أعداء الله ويريد النصر من الله انتبهوا لا نذهب بعيدا ففي الأمس القريب بينما كان الإتحاد السوفيتي يشكل دولة عظمى قاهرة في الأرض من يقف أمامها فقيض الله وأقام الجهاد في أفغانستان فقام من المسلمين من قاموا بهذا الجهاد وأقبلوا على الله على عبادته وعلى طاعته وعلى تنفيذ أحكام شرائعه فنصرهم الله وهم القليل وهم الضعفاء وانهزمت دولة عظمى لتعلموا أن النصر آت لكن بأسبابه وليس بالأماني لأسبابه فانهزم الإتحاد السوفيتي الذي كان متكونا من دول كثيرة وذهبت الشيوعية وصارت في مرمى التاريخ لا تذكر إلا بما كانت عليه من الأمور السيئة القبيحة، وهكذا سيأتي الله بنصره للمسلمين على اليهود وغيرهم بإذنه سبحانه لكن بمن يستحقون أن ينصروا من قبل الله فالله يريد من عباده أن يتكاملوا في الإيمان قال الله بعد غزوة أحد ﵟ‌وَلَا ‌تَهِنُواْ وَلَا تَحۡزَنُواْ وَأَنتُمُ ٱلۡأَعۡلَوۡنَ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَﵞ [سورة آل عمران:139].

والمراد بقوله إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ: أي: كاملي الإيمان، كاملي الصلاح، قال الله تعإلى {ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻﱼ ﲄ} [سورة النور:55].

هذه طرق و أعمال وعقائد وأقوال من يستحقون أن ينالوا نصر العزيز  القهار جل شأنه.

فالمسلون تأخروا إلا من رحمه الله لقد تأخروا عن الاستجابة لله والاستجابة لرسول الله في التمسك بشرع الله والوقوف عند حدود الله والابتعاد عن الانتهاك لحرمات الله والقيام بفرائض الله، حصل التأخر من كثير من المسلمين، بل من أكثر المسلمين لا سيما ما كان من أمر الحكام والولاة والرؤساء؛ فإن هذا أمر له عواقبه ، إن استقام الحكام استقامت الشعوب وإن لم يستقيموا لم تستقم الشعوب كما قيل: «الناس على دين ملوكهم» فعندما ندعو إلى استعمال أسباب النصر فالدعوة عامة للمسلمين عموما لحاكمهم ومحكومهم ورئيسهم ومرؤوسيهم رجالهم ونسائهم فإن هذا أمر نفتقر إليه جميعا.

 إذن أيها المسلمون لنكون عارفين من أين أُتينا ومن أين انهزمنا ومن أين ضعنا في هذه الحياة وصرنا نهبا وسلبا لأعداء الإسلام، كلما جاءت جماعة وكلما نشأ حزب قام بإبادة المسلمين لأنهم يرون أن المسلمين قد صاروا عرضة لأعداء الله فإنهم- أعني المسلمين- وإن كانوا أكثر من مليار إلا أنهم حرموا من الاستقامة على الدين ومن جمع الكلمة إلا من رحمه الله.

اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى

 اللهم لا تدع لنا ذنبا إلا غفرته ولا هما إلا فرجته ولا دينا إلا قضيته ولا عدوا إلا قصمته.

اللهم إنا نسألك يا منزل الكتاب يا مجري السحاب يا هازم الأحزاب أن تهزم أعداءك أعداء الدين في فلسطين وفي غيرها اللهم عليك باليهود المعتدين اللهم عليك باليهود الغاصبين اللهم اهزمهم واجعل الدائرة عليهم اللهم خذهم من فوقهم ومن تحت أرجلهم واجعل الدائرة عليهم اللهم عليك بهم.

 

شارك الموضوع